قيام دولة البوسعيد
شهدت عمان في نهاية دولة اليعاربه وضعا سياسيا مضطربا، فبعد وفاة الامام سلطان بن سيف الثاني عام 1718م . تنافس سيف بن سلطان الثاني ومهنا بن سلطان على تولي الامامة، وقد ادى هذا االتنافس الى اختلاف اهل الحل والعقد حول من يتولى الامامة وقد حسم الامر لصالح سيف بن سلطان لكنه لم يحسن ادارة الدولة ،وهو مادفع العلماء الى عزله ومبايعة سلطان بن مرشد اماما على عمان
لم يرض هذا القرار سيف بن سلطان فقرر استرداد الامامة بالقوة، فاستنجد بالفرس الذين راوا في ذلك فرصة سانحة للتدخل في الشؤون الداخلية لعمان والسيطرة عليها فسارع نادر شاه(ملك ايران) بارسال جيوشه للسيطرة على العمان ونجح الاستيلاء على اجزاء واسعة منها ،وفرض حصارا بحريا على صحار التي تركزت بها المقاومة العمانية بقيادة الامام سلطان بن مرشد الذي توفي في احدى المعارك ،فقاد المقاومة بعده احمد بن سعيد والي صحار الذي نجح في اخراج الفرس من صحار وتحرير بقية عمان منهم.
عهد السيد سلطان بن أحمد بن سعيد (1792 – 1804م)
عندما تولى السيد سلطان بن أحمد السلطة في مسقط عام 1792م بعد وفاة ابن اخيه السيد حمد بن سعيد كان أخوه الإمام سعيد بن أحمد لا يزال قائما بالإمامة في الرستاق حتى وفاته عام 1821م ولكن السلطة الفعلية كانت في يد السيد سلطان بن أحمد حيث انتقل الحكم الفعلي من الرستاق في الداخل إلى مسقط على الساحل وأصبح لحكومة مسقط منذ ذلك الوقت مجال كبير في علاقتها مع الدول الأجنبية حيث اتخذها مقرا وعاصمة لإدارة شئون البلاد.
عمل السيد سلطان بن أحمد بن سعيد على استتباب الأمن والنظام في عمان بعد ان استولى على القلاع والحصون وأخضعها لسيطرته, وبعد ان استتب الأمن في البلاد وجه اهتمامه إلى الخارج بفتح أقاليم جديدة ولحماية حدود عمان من الغزو الأجنبي.
تدعيم النفوذ العماني في منطقة الخليج العربي
رأى السيد سلطان انه صاحب الحق في تأمين الملاحة في منطقة الخليج العربي والمحافظة على الأمن فيها وذلك لتأمين بلاده من الغزو لا سيما وان سلطنة عمان تشرف على سواحل طويلة تمتد ألاف الكيلومترات ولديها أسطول ضخم يعزز من مقدرتها العسكرية.
وفي عام 1798م سيطر السيد سلطان على الموقف في المنطقة بأسرها لا سيما بعد صدور مرسوم من الحكومة الفارسية أجاز ضم ميناء " بندر عباس" و" جوادر" و" شهبار" إلى حكومة السيد سلطان بن أحمد الذي اخضع جزيرتي " قشم" و" هرمز" و وضع فيها الحاميات العمانية لتأمين السفن التجارية المارة بمضيق هرمز من والى الخليج العربي.
ونتيجة للعلاقات الطيبة بين السيد سلطان والحكومة الفارسية, قام القواسم بأعمال سلب ونهب للسفن العمانية المارة في منطقة الخليج العربي وغيرها من السفن التجارية الأخرى. ففي عام 1800م شن السيد سلطان عدة حملات ضد من يقومون بالقرصنة البحرية في الخليج العربي فتمكن من تطهير المنطقة.
مساندة البحرين
كانت البحرين خاضعة للنفوذ الفارسي حتى عام 1783م حين تمكن رجال قبيلة العتوب من طردهم. غير ان الفرس عادوا من جديد وتمكنوا من السيطرة عليها وذلك للاستفادة من ثروة البحرين من عوائد اللؤلؤ الطبيعي, عندها استنجد العتوب بالسيد سلطان الذي أرسل من فوره ولده " سالما" على رأس حملة بحرية تمكنت من إنهاء الغزو الفارسي وتوقيع اتفاقية بين الطرفين تمتعت البحرين بمقتضاها بالحماية العمانية اذا ما تعرضت لأي غزو خارجي.
علاقته ببريطانيا
كانت لفرنسا وهولندا وبريطانيا مصالح تجارية في بحار الشرق لا سيما في بحر العرب والخليج العربي, وكانت كل من هذه الدول تتودد إلى حكومة مسقط املآ في الوصول إلى اتفاق معها لحماية سفنها و اتخاذ مسقط مركزا للحفاظ على المصالح التجارية لتلك الدول.
وبعد دراسة الموقف بجميع جوانبه و أبعاده. فقد أتخذ السيد سلطان موقفا وسطا لا سيما بين فرنسا وبريطانيا حتى تبقى عمان بعيدة عن المخاطر والصراعات الدولية التي كانت تهدد العالم في ذلك الوقت.
الامام سلطان بن احمد بن سعيد(1792-1804)
ابرز الاعمال
من ابرز الأعماله على الصعيد الداخلي:
- عمل على توحيد البلد.
- القضاء على الفتن التي كانت في بعض المناطق في البلاد والتي انتشرت في عهد الإمام سعيد بن أحمد.
- فرض هيبة الدولة.
- قام بتوجيه اهتمامه إلى الخارج لاسترداد المناطق التي فقدت من الدولة -بعد أن استتب الامن في البلاد- لفتح بلاد جديدة ولحماية الحدود العمانية من الغزو الخارجي.
ابرز الاحداث
أبرز الأحداث في عهد السيد سلطان بن أحمد:
تعزيز النفوذ العمانية في منطقة الخليج العربي:
كان السيد سلطان بن أحمد مهتما بتأمين الملاحة في منطقة الخليج العربي والمحافظة على الأمن فيها، ذلك لحماية بلاده من الغزو، واستطاع عام 1789م أن يسيطر على المنطقة بأسرها، فقد أخضع جزيرتي قشم وهرمز، وضم بندر عباس وجوادر وشهباز، وتمكن عام 1800م من حماية السفن التجارية في منطقة الخليج العربي.
مساندة البحرين:
كانت البحرين خاضعة للفرس حتى عام 1783م حيث تمكن رجال قبيلة العتوب من طردهم، غير أن الفرس عادوا من جديد، وتمكنوا من السيطرة عليها، عندها استنجد أهل البحرين بالسيد سلطان فأنجدهم بحملة بحرية بقيادة ولده سالم الذي تمكن من إنهاء الغزو الفارسي.
وفاته
قتله رجال من القواسم من رأس الخيمة، صادفوه في البحر وقد نزل من مركبه المنيع المشهور إلى سفينة صغيرة فرماه أحد أهل السفينة ببندق ومات وهم لا يعلمون أنه هو حتى سمعوا خادمه يدعوه باسمه. وتولى في مسقط أخوه بدروعند لوريمر هو بدر بن سيف (ابن اخيه).
السيد سعيد بن سلطان (1806-1856)
العصر الذهبي
يعتبر المؤرخون أنّ فترة السيد سعيد بن سلطان هي الفترة الذهبية في التاريخ العماني لاعتبارات مهمة منها:
1- اتساع نفوذ دولة عمان بشكل لم تشهده قط، كما سبق وأن ألمحنا.
2- المركز المرموق الذي احتله السلطان سعيد في المجال الدولي، والاحترام الذي كان يتميز به بين حكام أوروبا وآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية في ذلك العصر هذا بالإضافة إلى شعبيته الواسعة بين أفراد شعبه.
3- استقرار الحكم العماني، رغم المطامع والمؤامرات الأجنبية، ففي الوقت الذي كانت الصراعات العربية- العربية مستمرة على سواحل الخليج العربي، وفي شبه الجزيرة العربية، فضلا عن التنافس الشديد بين المطامع البريطانية والفرنسية والفارسية استطاع السيد سعيد المحافظة على استقلال بلاده بتوازن دقيق مستخدما الدبلوماسية أكثر من القوة العسكرية من أجل الوصول إلى أهدافه.
4- قوة الاقتصاد العماني، المستند إلى تقدم وتطور التجارة العمانية التي كانت تعتمد هي الأخرى على أسطول تجاري ضخم (اعتبره الخبراء ثاني أكبر أسطول في المحيط الهندي في ذلك الوقت) تسانده قوة بحرية متميزة. حيث طوّر السيد سعيد بن سلطان اقتصاد مملكته في شرق أفريقيا بالإضافة إلى التجارة العمانية الواسعة مع الصين وجنوب شرق آسيا والهند وسيلان وإيران.
وكان لدى السيد سعيد بن سلطان 36 من ابنائه 26 ولد وعشرة بنات فهؤلاء هم ابنائه
- السيد هلال بن سعيد آل سعيد (c.1815 - 1851) كان مدمنا على الكحول[5]، وقد استقام في أخر حياته وحج إلى بيت الله الحرام وقد توفي في عهد والده وقد أزاح ولاية العهد منه لأخيه خالد. ثلاثة أبناء : سعود، فيصل، ومحمد.
- السيد خالد بن سعيد آل سعيد (c.1819 - 1854)تولى ولاية العهد بدل أخيه هلال بتدخل من أمه إلا أن الله قد قدّر موت خالد في عهد أبيه مما أهّل أخويه ماجد وثويني للحكم بعد السيد سعيد.
- السيد ثويني بن سعيد آل سعيد (-1866)، وقد توللى حكم الجانب العماني من الإمبراطورية بعد وفاة والده 1856-1866
- وقد اغتاله ابنه سالم ليتولى الأخير الحكم من بعده حتى تنصيب الإمام عزان بن قيس.
- السيد محمد بن سعيد آل سعيد (1826-1863). عاش معظم حياته في عمان وقد عرف عنه استقامته في الدين وزهده في الدنيا وقد وكّله اخوانه في عمان ليمثلهم في قسمة ورث أبيهم.
- السيد تركي بن سعيد (1832-1888)، تولى حكم عمان بعد قتل الإمام المرتضى عزان بن قيس، 1871-1888
- السيد ماجد بن سعيد (1834/5-1870)، وسلطان زنجبار، 1856-1870
- السيد برغش بن سعيد (1837-1888)، وسلطان زنجبار، 1870-1888
- السيد عبد الوهاب بن سعيد آل سعيد (1840-1866)
- السيد جمشيد بن سعيد آل سعيد (1842-1870)
- السيد حمدان بن سعيد آل سعيد (1843-1858)
- السيد غالب بن سعيد آل سعيد
- السيد سويدان بن سعيد آل سعيد (1845 --؟)
- السيد عبد العزيز بن سعيد آل سعيد (1850-1907)
- السيد خليفة بن سعيد (1852-1890)، وسلطان زنجبار، 1888-1890
- السيد حمد بن سعيد آل سعيد
- السيد شويد بن سعيد آل سعيد
- السيد عباس بن سعيد آل سعيد
- السيد منين بن سعيد آل سعيد
- السيد علي بن سعيد (1854-1893)، وسلطان زنجبار، 1890-1893
- السيد بدران بن سعيد آل سعيد (؟ -1887)
- السيد ناصر بن سعيد آل سعيد (1862 -1887) توجه إلى مكة المكرمة، توفي شاب (في العشرينات من عمره)
- السيد عبد الرب بن سعيد آل سعيد (؟ -1888)
- السيد أحمد بن سعيد آل سعيد.
- السيد طالب بن سعيد آل سعيد.
- السيد عبد الله بن سعيد آل سعيد
وفاته
توفي السيد سعيد بن سلطان بتاريخ 19 صفر سنة 1273 هـ الموافق حوالي 1856 م على متن سفينته فيكتوريا أثناء رحلته من عمان إلى زنجبار وذلك بالقرب من جزيرة سيشل، ودفن في زنجبار في المقبرة المخصصة لدفن أولاد الإمام. ويصف س.ب.مايلز وفاة السيد سعيد بقوله :" وهكذا اختتم السيد سعيد حياة حافلة رائعة, وكان له من العمر ستة وستون عاما وسبعة أشهر, وبعد حكم دام خمسين عاما. لقد كان السيد سعيد مثالا للبطل العربي. لقد كان شجاعا, اظهر في مرات عديدة بسالة نادرة. لقد كان حكيما وذكيا, كريما, جليلا, كان يحبه كل شعبه, وقد حفر له في قلب كل منهم صورة عظيمة, ولقد اظهر في تعامله مع القبائل العربية حذقا وفطنة لم يعرفهما غيره. ويستطيع ذلك السلطان العربي ان يفخر انه كان أول حاكم عربي أعطى السلم لشرقي أفريقيا, وأنه بتشجيعه للتجارة وحمايته لها, جعل من عاصمته هناك مركزا تجاريا بين الهند, وفارس, والجزيرة العربية, وبذلك زاد من ثروة بلاده". وقد كانت وفاته نقطة تحول خطيرة في تاريخ هذه الإمبراطورية العملاقة والسبب الأساسي في ضعفها وانقسامها بعد ذلك. فبعد وفاة السيد سعيد بدأ الخلاف يدب بين أبنائه حول من يخلفه، حيث لم يشر السيد سعيد في وصيته عمن سيخلفه في الحكم وانما اكتفى أثناء حياته، بتعيين اثنين من أنجاله كنائبين عنه على شطري امبراطورتيه بشقيها الآسيوي والأفريقي ،فقد عين ابنه الأكبر ثويني كنائب عنه في مسقط أثناء غيابه بينما كان ابنه ماجد نائبا للسلطان في زنجبار.
شكرا واستفد كثييييرا
ردحذف